التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٨
تجسيدا لهذا الإحساس، ويكون كل عمل أو لفظ مظهر لهذا الإحساس العميق عبادة.
ولا شك أن المقصود بالمالكية ليس مطلق المالكية فالاعتقاد بالمالكية القانونية والاعتبارية لا يكون - أبدا - موجبا لصيرورة الخضوع عبادة، إذ أن البشر في عصور:
" العبوديات الفردية " بالأمس، وكذا في عصر: " العبودية الجماعية " الراهن لا يعد امتثاله لأوامر أسياده عبادة... فلا بد أن يكون المقصود من المملوكية - هنا - هي القائمة على أساس الخلق والتكوين وأن شأنا من شؤون حياته في قبضته.
وإليك بيان مناشئ أنواع المالكيات الحقيقية.
1 - قد يوصف بالمالكية لكونه خالقا، ولذلك يكون الله سبحانه مالكا حقيقيا للبشر لأنه خالقه، وموجده من العدم، ولهذا نجد القرآن الكريم يعتبر جميع الموجودات الشاعرة - مثلا - عبيد الله، ويصفه تعالى بأنه مالكها الحقيقي وذلك لأنه خلقها إذ يقول:
(إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا) (مريم - 93) ولأجل ذلك أيضا نجده يأمرهم بعبادة نفسه معللا بأنه هو ربهم الذي خلقهم دون سواه إذ يقول:
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) (البقرة - 21) (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه) (الأنعام - 102) 2 - وقد يوصف بالمالكية لكونه رازقا ومحييا ومميتا، ولذلك يحس كل بشر سليم الفطرة بمملوكيته لله تعالى لأنه مالك حياته ومماته ورزقه، ولهذا يلفت القرآن نظر البشر إلى مالكية الله لرزق الإنسان وأنه تعالى هو الذي يميته وهو الذي يحييه
(٧٨)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»