التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٤
أنها آلهة - حسب تصورهم -.
ولأجل تلك العقيدة السخيفة كانوا إذا دعي الله وحده كفروا به، لأنهم لا يحصرون الألوهية به وإذا أشرك به آمنوا، لانطباقه على فكرتهم كما قال سبحانه:
(ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير) (غافر - 12).
إلى هنا ظهرت الدعوى الأولى بوضوح وجلاء.
وأما الدعوى الثانية فتدل عليها الآيات التي تأمر بعبادة الله، وتنهى عن عبادة غيره، مدللا ذلك بأنه لا إله إلا الله إذ يقول:
(يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف - 59).
ومعنى ذلك أن الذي يستحق العبادة هو من كان إلها، وليس هو إلا الله، وعندئذ فكيف تعبدون ما ليس بإله، وكيف تتركون عبادة الله وهو الإله الذي يجب أن يعبد دون سواه؟
وقد ورد مضمون هذه الآية في 10 موارد أو أكثر في القرآن الكريم، ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع - لذلك - الآيات التالية:
الأعراف: 65، 73، 85، هود: 50، 61، 84، الأنبياء: 25، المؤمنون: 23، 32، طه:
14.
فهذه التعابير (التي هي من قبيل تعليق الحكم عن الوصف) تفيد أن العبادة هي ذلك الخضوع والتذلل النابعين من الاعتقاد بإلوهية المعبود، إذ نلاحظ - بجلاء - كيف استنكر القرآن على المشركين عبادة غير الله بأن هذه المعبودات ليست آلهة، وأن العبادة من شؤون: الألوهية، فإذا وجد هذا الوصف (أي وصف الألوهية) في الطرف جاز عبادته واتخاذه معبودا. وحيث إن هذا الوصف لا يوجد إلا في الله سبحانه لذلك تجب عبادته دون سواه.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»