التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٩
لقد كان الشيخ عبد العزيز إمام المسجد النبوي يحاول توجيه صحة وشرعية هذه الاحترامات بورود الأمر الإلهي بشأنها، ويستشهد بما قاله عمر بن الخطاب حول الحجر الأسود إذ قال - ما مضمونه -: " إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك لما قبلتك " (1).
ولكنه كان غافلا عن: إن مفاد كلامه هو أن تكون هذه الأفعال من الشرك المجاز في هذه الحالة، وبالتالي أن يأمر الله بالفحشاء ولو مرة واحدة.
ونلفت نظر الشيخ إلى الآية الكريمة:
(قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون)؟ (الأعراف - 28).
فلو كانت ماهية السجود لآدم - عليه السلام - واستلام الحجر الأسود عبادة لآدم والحجر وشركا، لما كان الله سبحانه، يأمر بها - أبدا -.
10 - معنى الألوهية والربوبية:
وأما الألوهية فلا نظن أن القارئ الكريم يحتاج في فهم معنى: " إله " إلى التعريف، فإن لفظي: " إله " و " الله " من باب واحد فما هو المتفاهم من الثاني أي " الله " هو المتفاهم من الأول أي " إله ". وإن كانا يختلفان في المفهوم اختلاف الكلي والفرد.
غير أن لفظ الجلالة علم لفرد من ذاك الكلي ولمصداق منه، دون ال‍ " إله " فهو باق على كليته وإن لم يوجد عند الموحدين مصداق له بل انحصر فيه. فكما أنه لا يحتاج في الوقوف على معنى لفظ الجلالة إلى التعريف فلفظة " إله " مثله

(١) صحيح البخاري: ٣ / 149، كتاب الحج، طبعة عثمان خليفة.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»