كيف لا، ونحن نقرأ في الحديث الشريف:
" من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عز وجل فقد عبد الله وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان " (1).
فالناس يستمعون اليوم إلى وسائل الإعلام ويصغون إلى أحاديث المتحدثين والمذيعين من الراديو والتلفزيون، وأكثر أولئك المتحدثين ينطقون عن غير الله، فهل يمكن لنا أن نصف كل من يستمع إلى تلك الأحاديث بأنهم عبدة لأولئك المتحدثين؟!
بل الصحيح هو أن نعتبر استعمال لفظ العبادة في مثل هذه الموارد نوعا من التجوز، لأجل وجود المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي.
فلطالما يتردد في لسان العرف بأن فلانا (عبد البطن) أو (عبد الشهوة) فهل يكون هؤلاء - حقا - عبدة البطن والشهوة، أو لأن الخضوع المطلق تجاه نداءات الشهوات النفسانية حيث كان شبيها بالخضوع المطلق الذي يمثله الموحدون أمام خالق الكون، أطلق عنوان العبادة على هذه الموارد.
9 - هل الأمر الإلهي يجعل الشرك غير شرك؟
ربما يقال: إن سجود الملائكة لآدم، واستلام الحجر الأسود، وما شابههما من الأعمال لما كان بأمر الله، لا يكون شركا، ولا يعد فاعلها مشركا (2).
وبعبارة أخرى أن حقيقية العبادة وإن كانت الخضوع والاحترام، ولكن لما كانت تلك الأعمال مأتيا بها بأمره سبحانه تعد عبادة للآمر لا لسواه.