التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠
(ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) (الأنعام - 62) نعم إن اختصاص حق الحاكمية بالله سبحانه ليس بمعنى قيامه شخصيا بممارسة الإمرة، بل المراد أن من يمثل مقام الإمرة في المجتمع البشري يجب أن يكون مأذونا من جانبه سبحانه لإدارة الأمور، والتصرف في النفوس والأموال.
ولأجل ذلك نرى أنه سبحانه يمنح لبعض الأنبياء حق الحكومة بين الناس، إذ يقول:
(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) (سورة ص - 26).
ولأجل ذلك يجب أن تكون الحكومة في المجتمع الإسلامي مأذونة من قبل الله سبحانه ممضاة من جانبه، وإلا كانت من حكم الطاغوت، الذي شجبه القرآن في أكثر من آية.
السابعة: التوحيد في العبادة:
والمراد منه حصر العبادة لله سبحانه وحده وهذا هو الأصل المتفق عليه بين جميع المسلمين بلا اختلاف منهم قديما، وفي هذا العصر، فلا يكون المسلم مسلما إلا بعد الاعتراف بهذا الأصل.
بيد أن الاتفاق على هذا الأصل لا يستلزم الاتفاق في بعض الأمور التي وقع الاختلاف في كونها عبادة لغير الله سبحانه، أو أنها تكريم واحترام، وإكبار وتبجيل.
وعلى الجملة فالكبرى، أعني كون العبادة خاصة الله لا يشاركه فيها شئ، مما لم يختلف فيها اثنان، وإنما الكلام في تشخيص الصغرى وإنه هل العمل الفلاني
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 23 25 26 27 ... » »»