التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٩
ومن محاورة النبي إبراهيم - عليه السلام - مع كبير قومه: " نمرود " يستفاد بوضوح أن نمرود كان موضع العبادة من جانب قومه.
كما يتبين بأن فرعون زمان موسى - عليه السلام - رغم أنه كان بنفسه معبودا عند قومه كان يعبد أصناما، خاصة، لعلها كانت أشكالا لشخصيات سابقة من أسلاف فرعون، حيث يخبرنا القرآن الكريم قائلا:
(وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك) (الأعراف - 127).
خلاصة النظر أن هذه الأصنام والتماثيل كانت تنحت وتصنع بادئ الأمر لتخليد ذكرى رجال دين وزعماء وشخصيات كبار، ولكن مع مرور الزمن وانقراض أجيال وحلول أجيال أخرى مكانها كان هذا الهدف ينحرف عن مجراه الأصلي، وتتحول تلك التماثيل إلى معبودات، وتلك الأصنام إلى آلهة مزعومة.
3 - حصر التوحيد في العبادة بالله تعالى:
والمقصود بهذا التوحيد هو أن نفرد خالق الكون بالعبادة ونرفض عبادة غيره مما يكون مخلوقا له تعالى. وهذا في مقابل الشرك في العبادة الذي يعني أن يعبد الإنسان - رغم اعتقاده بوحدانية خالق هذا الكون - مخلوقا، أو مخلوقات، لسبب من الأسباب.
وهذا هو ما تسميه الوهابية بالتوحيد في الألوهية، كما تسمي التوحيد الذاتي بالتوحيد في الربوبية، وكلا الاصطلاحين خطأ لما ستعرف من معنى الألوهية وأن معناها ليس المعبودية، بل (الإله، والله) متساويان من حيث المبدأ أو المفهوم، غير
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»