التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٦٩
وجاءت في هذا المعنى أخبار كثيرة (1).
وهذا المعنى الذي ذكره المفسرون مفهوم واضح من نفس الآية الكريمة فتدبرها: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا (وقد وقع حجب أبصار المشركين عن رسول الله (ص) دون أبصار المؤمنين حفظا لنبيه من أذاهم مرارا عديدة ومن ذلك ما أجمع عليه المفسرون والمؤرخون من حجب أبصار المشركين عن رؤيتهم للنبي (ص) ليلة هجرته من مكة إلى المدينة، حيث كانت قريش قد بينته في داره واجتمعت على باب الدار وهم حوالي أربعون نفرا أو أقل يريدون قتله، وقد أوحى الله تعالى إليه أن يخرج من الدار عند اجتماعهم على بابها وأن يهاجر، فخرج (ص) امتثالا لأمر ربه وقد تناول قبضة من التراب ووضع منه على رأس كل واحد منهم وهو يقرأ قوله تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ([يس / 9] وسار من بينهم ولم يره أحد منهم (2).
وشاهدنا من كل ذلك ان الله قادر على أن يحجب أبصار الحاضرين دون أبصار المحتضرين عن رؤية النبي وأهل بيته في حالة الاحتضار كما حجب أبصار المشركين عن رؤية النبي (ص) دون المؤمنين هذا من جهة، ومن جهة أخرى هي ان الله جل وعلا يزيد أبصار المحتضرين قوة عند حضور آجالهم، ويكشف لهم الحجب ويزيل عنهم الأغطية، وبذلك

(١) راجع (الدر المنثور) ج ٤ ص ١٨٦ - ١٨٧، و (تفسير القرآن العظيم) لابن كثير الدمشقي ج 3 ص 43 و (مفاتيح الغيب) للرازي ج 5 ص 401 وغيرها.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»