وهذا لا ريب فيه، ولكن المؤمن المتقي هل يحصل عنده الجزم واليقين بصورة قطعية بأنه سيموت مؤمنا متقيا؟ وسيحظى بتلك البشائر التي بشر بها في الدنيا؟ لا، ولكن يرجو تحصيل تلك البشائر، فقد ورد عن رسول الله (ص) انه قال: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة ولا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له (1).
نعم لا يحصل اليقين بعد الرجاء للمؤمن إلا في وقت واحد وهو حضور أجله، إذا حضره نبيه وأهل بيته مع جبرئيل وملك الموت، فعند ذلك يبشرونه جميعا - بصورة جزمية - بما سيقدم عليه من النعيم الخالد.
وهذا ما ذكرته الأخبار بصراحة، وأشار إليه القرآن المجيد بقوله تعالى: (الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا (أي تتأكد لهم البشرى فيها عند الاحتضار، (وفي الآخرة (أي يوم القيامة عند خروجه من قبره، وفي حشره، وقوله تعالى: (لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم (أشار به إلى ان تلك البشارة من القضاء المحتوم الذي لا يتغير ولا يتبدل، أي لابد من وقوعها عند الاحتضار وفي القيامة، حيث وردت عن أهل البيت (ع) في تفسير الآيتين بالخصوص أخبار عديدة، ومن تلك الأخبار ما رواه العياشي في (تفسيره)، وأبو جعفر البرقي في (المحاسن)، والكليني في (الكافي) وغيرهم عن عقبة بن خالد قال: