ومنها الآيات التي تذكر شهادة أعضاء الإنسان يوم القيامة من الأيدي والأرجل والسمع والبصر والجلود وغيرها من الأعضاء والتي منها قوله تعالى: (حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (ومعنى شهادة الأعضاء هو ذكرها واخبارها بما تحملته في الدنيا من معصية صاحبها فهي إذن شاهدة شهادة أداء لما تحملته عن إدراك وشعور، ولذلك لما يعترض أصحاب تلك الأعضاء المجرمون ويعتبون عليها، كما في قوله تعالى حاكيا عنهم قولهم: (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا (مجيبين (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون (فظاهر هذا النص القرآني ان شهادة الأعضاء على المجرمين كانت نطقا حقيقيا عن إدراك وشعور بما تحملته سابقا أيام الحياة الدنيا، وان الله جل وعلا هو الذي أنطقها وألجأها إلى الكشف عما كانت قد تحملته، وان النطق ليس مختصا بالأعضاء فقط بل هو عام شامل لكل شيء، وان السبب الموجب لنطقهم هو الله سبحانه " لذا " قالوا (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء (.
وهكذا آيات آخر كثيرة تدل دلالة واضحة على وجود الإدراك والشعور في المخلوقات كافة من نبات وجماد وغيرهما، كقوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ([فصلت السجدة / 12]، وكقوله تعالى: (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ([الإسراء / 45