المخلوقات عامة، نهاية الأمر ان الإدراك والشعور في الإنسان أقوى منهما في سائر الحيوان وأبين، وفي سائر الحيوان أقوى منهما في النبات وأبين، وفي النبات أقوى منهما في الجماد وأبين، فكل مخلوق أوجده الله أعطاه إدراكا وشعورا يناسب حاله لا صلاحه، ولعل إلى هذا يشير قوله تعالى حاكيا على لسان كليمه موسى في جوابه إلى فرعون لما سأله: (قال فمن ربكما يا موسى (أجاب (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ([طه / 50 - 51]، أي أعطى كل شيء هديه بما جعل له من الإدراك والشعور كما أعطاه إيجاده أولا، كما ان جميع المخلوقات - ومنها الجماد - لها نطق يناسب حالها حسب اختلاف القوة في الإدراك والشعور، وهذا ما يستفاد من بعض الآيات القرآنية وهي كثيرة.
الآيات الدالة على الإدراك والشعور في كل مخلوق فمن الآيات التي تدل على ذلك قوله تعالى: (يومئذ تحدث أخبارها (4) بأن ربك أوحى لها (والمعنى ان الأرض تحدث يوم القيامة أخبارها، بسبب ان ربك أوحى إليها ان تحدث فهي شاعرة ومدركة لما وقع عليها من الأعمال خيرها وشرها، متحملة لها منذ صدر العمل عليها في الدنيا، ويؤذن لها يوم القيامة بالوحي أن تحدث أخبارها وتشهد بما تحملته.