البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٥٣
والجواب عنه (أما أولا) فلقد باهت في قوله إن الشيعة عطلوا المساجد إلخ، لأن الإمامية يرون من الفرض على أنفسهم عمارة المساجد وإقامة ذكر الله تعالى فيها بأزيد مما يرونه بالنسبة إلى المشاهد. نعم لبعض المشاهد عندهم مزية وزيادة فضيلة من بين المعابد، لاشتمالها على جهتين: جهة المسجدية، وجهة المشعرية، كحرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو حرم الله وحرم رسوله، ومشهد مولانا علي عليه السلام وحرم الحسين عليه السلام لأنها مساجد ومشاعر. ولا أشكال في اختلاف البقاع من حيث الفضيلة.
ولأجل اشتمال المشاهد المزبورة على زيادة الفضيلة توى الإمامية - بل والمسلمين - يزدلفون إليها ويزدحمون فيها، وإلا فالمساجد عند الإمامية لا تخلو عن إقامة الصلاة فيها كما هو دأبهم في بلادهم، فيعمرونها ويواظبون عليها، بل يعمرون كل مقام ومشهد فيه من شعائر الإسلام شئ لأنه تشييد للدين، ولكن تلك المقامات من البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
وأما ثانيا: فلأن رواية أبي الهياج لا دلالة فيها على أن المراد بالتسوية جعل المدفن مساويا للأرض من غير تعلية بل اللفظ في هذا الخبر كاللفظ في قوله: فإذا سويته فيه من روحي وقوله تعالى: رفع سمكها فسواها.
والمراد من التسوية في الآيتين التعديل في رفع السماء وخلقة البشر، كما قال عز شأنه: فسواك فعدلك.
وأقرب محتملات التسوية وأظهرها في الرواية هو تسطيح القبر، وذلك
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»