مثل قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسطحا ورش عليه الماء، وأقامت عليه عائشة النوح.
المراد من التسوية للقبور فعلى ذلك لا محيص لابن تيمية عن أحد الأمور: إما الحكم بشرك جميع الأصحاب الذين قالوا بمقالة الإمامية من رجحان تعلية النبي وتسطيحه، أو رفع اليد عن خبر أبي الهياج رأسا، لأنه منفرد بهذا الحديث في كتب الأحاديث كما عن شارح النسائي ناسبا له إلى السيوطي، وإما حمله على أحد الأمرين:
(الأول) أن المراد من التسوية التعديل بهدم سنام القبر إن كان مسنما أو هدم شرفه إن كان ذا شرف، كما وقع التصريح بالشرف في الرواية.
(الثاني) حمله على استحباب، أو وجوب تخريب قبور المشركين ونبشها كما عقد لذلك بابا في صحيح البخاري وسنن النسائي وابن ماجة وذكروا فيه أن النبي صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وأمر ببناء المسجد فأمر بقبور المشركين فنبشت ثم بالخراب فسويت - الحديث.
وفي اقتران لفظ التسوية بطمس التماثيل دلالة على أن الأمر المبعوث إليه تسوية قبور المشركين، فإن الصور والتماثيل وجعلها في مقابرهم أو معابدهم من سنن المشركين، كما يشهد له ما في البخاري عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة. أوردها البخاري أيضا في باب نبش قبور مشركي الجاهلية.