البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٥٤
لعدم ذكر المعادل أولا، والتقييد بالشرف ثانيا... وإلا كان التقييد لغوا فتدل الرواية على رجحان التسطيح على التسنيم.
مناقشة أدلة تحريم البكاء على القبور والعجب من ابن تيمية أنه كيف استدل برواية أبي الهياج على منع البناء على القبر وأنه من صنع أهل الشرك، والحال أنه عند قول العلامة من أن المشروع تسطيح القبور وإنما تركته أهل السنة وذهبوا إلى التسنيم لما صار شعارا للشيعة قال:
إن مذهب أبي حنيفة وأحمد أن تسنيم القبور أفضل - كما ثبت في الصحيح أن قبر النبي كان مسنما، والشافعي يستحب التسطيح لما روى من الأمر بتسوية القبور. ورأى أن التسوية هي التسطيح. قال بعض الأصحاب: إن هذا شعارا للرافضة فيكره ذلك، وخالفهم جميع الأصحاب وقالوا بل هو المستحب وإن فعلته الرافضة - انتهى.
فإنك ترى أنه كيف أقر ثانيا بما أنكره أولا، فذهب إلى ما هو المجمع عليه بين الأصحاب، وعليه صحيح الخبر - كما في البخاري - من رجحان جعل الأثر للقبر وتعليته عن الأرض مسطحا، وحمل هو أخيرا خبر أبي الهياج - تبعا للشافعي على التسطيح، مع أنه حمله أولا على الطمس، إذ لا أقل من الاحتمالين في اللفظ بين الطمس والتسطيح مع علو القبر - كما ذهب إلى الاحتمالين شارح النسائي من غير ترجيح.
لكن يؤيد الاحتمال الثانية بعد ما صح الخبر عن أنه كان قبر رسول الله مرتفعا عن الأرض لا مساويا - ما عن الشافعي وغيره: من أن رسول الله سطح قبر ابنه إبراهيم، وما في كتب الحديث: من أنه جعل قبر أبي بكر
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»