فلو كان التوسل ونداء غير الله شركا لما كان فرق بين المستغاث به حيا أو ميتا، وكون الحي قادرا لا دخل له بمسألة الإيمان والكفر ولم يذهب أحد من العلماء في أصولهم: إلى أن اعتقاد القدرة من العقائد الدينية، مع أن لازمه أنه إذا اعتقد المضطر قدرة المتوسل به وإن كان ميتا لما كان التوسل به شركا، أو أنه اعتقد عجز الحي والتجأ به كان شركا، ولم يقل به أحد.
نعم: السؤال من العاجز مع إحراز عجزه لغو، لا أنه شرك، وإلا لزم انقلاب الإيمان إلى الشرك، وبالعكس عند تبديل العجز بالقدرة والتمكن بعدم المقدرة!
فإن قلت: إن الله تعالى أعطى القادر من عبادة القدرة والقوة وأنا أطلبه مما أعطاه الله تعالى.
قلت: الجواب من ذلك هو الجواب الذي قاله ابن عبد الوهاب حرفا بحرف في الرد على من قال بصحة الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام.
فنقول: إن الله أعطاه القدرة، ولكن نهاك عن دعاء المخلوق في قوله: (لا تدع مع الله أحدا)، وقوله: (ادعوا ربكم تضرعا)، وقوله تعالى: (فصل لربك وانحر)، وقوله: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير). فإن قلت: إن الحول والقوة إذا كانا من جانب الله كان دعاء القادر دعاء لله لا دعاء مع الله.
قلنا: إذن لا فرق بين الوقوف بين يدي القادر المتمكن والسؤال منه