البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٣٦
ومقتضى عموم رأفته ورحمته بالمؤمنين قضاء حوائجهم بشفاعته لهم إلى الله تعالى.
قال الرازي: المراد حريص على إيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة.
أقول، ومن كان هذا شأنه جاز الوفود عليه، والتوسل به وعدم الإعراض عنه إلى غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، بخلاف الأنبياء لقوله تعالى فيما اختص به عيسى عليه السلام: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله.
وقال تعالى - في حق إبراهيم عليه السلام -: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم أدعهن يأتينك سعيا. كل ذلك مضافا إلى ما ورد في الكتاب والسنة من معجزات الأنبياء وخوارق العادات الجارية على أيديهم، مثل انفجار الحجر لموسى، وإحياء الموتى على يد عيسى، وانشقاق القمر لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء فكان قاب قوسين أو أدنى.
والغرض من ذكر ما اختصوا به سلام الله عليهم بيان قدرتهم حال حياتهم، وتتم دلالة هذه على المقصود بضميمة ما دلت على ثبوت الحياة المستقرة للأنبياء في عالم البرزخ.
فبهاتين المقدمتين نستنتج أن الأنبياء قادرون ومتمكنون من إجابة دعوة المضطر بعد مماتهم، كحال حياتهم، فلا يكون الالتجاء بهم لغوا وعبثا، كما لا يكون شركا، فهل يجد فرقا بين سؤال عيسى عليه السلام شفاء المرضى وإحياء الموتى، ويحكم بجواز التوسل فيه؟
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»