ينبغي بنا أن ندخل أي أطار للتحديث إلا بناء على شروطنا ومقتضياتنا الفكرية والعقائدية، أو على الأقل ضمن شروط لا تسمح بسحقنا، وتضمن لنا استمرار مسيرتنا الحضارية التي تنشد معانقة ولادة فجر المجتمع الإلهي الوارث، وهذه الشروط لا يمكن إبقاء ثباتها إلا من خلال الحفاظ على سلامة بنيتنا العقائدية، فالذي يريد مواجهة عاصفة القيم والمعايير الغربية المدججة بأسلحة الإغراء والإغواء والموضوعة على أرضية قوامها سوط جلاد لا يرحم، عليه أن يحكم ارتباطه بأوتاد يمكن لها مقاومة كل هذه الأنواع من الأعاصير، وهذا الأمر لا يمكن إتمامه إلا من خلال تحكيم الارتباط مع منظومة القيم والمعايير التي تجعلنا على ارتباط وثيق مع تراثنا العقائدي.
وهنا لا أقصد بكلمة التراث هذه أي تراث، وإنما أقصد التراث في جانبه المقدس والثابت، الذي لا يمكن التهاون بشأنه مهما كانت الظروف وأيا كانت التحديات، - وبمعنى أدق - الالتزام بالكتاب العزيز وسنة المعصوم (عليه السلام)، لتكون هي المرجعية الوحيدة التي نتحاكم إليها في مواقع الجذب والدفع، وفي مواقع الإحباط والتحفز