والأرض لغايات كثيرة أهمها معرفة الحق تعالى والبرهان على وجوده الشريف من خلال ما يشعره الإنسان وما يراه، وكذلك ليكتشف من خلال هذا التأمل القوانين الرائعة التي تحكم هذا العالم بمنتهى الدقة، مما ساعد هذا على ميلاد حركة علمية ومعرفية استفاد منها العلماء الإلهيون، وعلماء الطبيعة منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، ولم تقتصر آثار الإيمان بدين الإسلام على تلك المعطيات العلمية، بل هناك الكثير منها والتي لا زالت منبعا ثرا لعلماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتاريخ والفلسفة والكلام زيادة على ما في دستور الإسلام القرآن العظيم من نظم ودساتير وسياسات هي في منتهى الدقة والإحكام.
وبالجملة فإن الحضارة الإسلامية التي دانت لها أوربا قرونا عديدة إنما نشأت بفعل الإيمان بهذا الدين وما أوجبه من السعي المتواصل نحو المعرفة والتي ترجمها في أحداثه التاريخية الأولى بضرورة القضاء على الأمية - كما في فداء أسرى بدر - بصفتها وباء الأمم ومعول هدمها، ومن هنا جاء الحث على أهل العلم أن يعلموا الناس ما يجهلون، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا) (1).
كما حث الإسلام مريديه على الاستزادة من العلم النافع الذي يقرب الإنسان من الله تعالى، يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (إذا أتي علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله تعالى فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك