الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٩٠
وبوجوبها في مقابل طائفة أخرى يجوزونها ويستدلون بما يلي:
1 - ما يخص الأمر بالمعرفة للجاهل؟
إن العلم بأمره سبحانه بوجوب النظر غير ممكن، لأن المكلف به إن لم يكن عالما به تعالى، استحال أن يكون عالما بأمره سبحانه، عندما يكون العلم بأمره ممتنعا، وإن كان عالما به استحال أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الباطل (1).
يلاحظ عليه: أن الدافع إلى وجوب النظر والمعرفة هو أمر العقل، لا أمره سبحانه حتى يترتب عليه من أنه إذا لم يكن عالما به، امتنع أن يكون عالما بأمره، وإن كان عالما به تكون معرفته حاصلة، والأمر بها يكون تحصيلا للحاصل.
وأمر العقل ودفعه إلى المعرفة ليس أمرا خافيا على أحد.
ولو صح ما ذكره لزم انسداد باب معرفة الله استدلالا وتقليدا، وذلك لأنه ينتقل نفس الكلام إلى مقلده وأنه كيف نهض إلى معرفة الله بأمره سبحانه مع أن أمره قبل المعرفة غير ناهض.
2 - النهي عن الجدل والخوض في القدر:
إنه سبحانه نهى عن النظر في قوله سبحانه: * (ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد) * (غافر - 4) ولأن النبي رأى الصحابة يتكلمون في مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فيها، وقال: إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم في هذا، ولقوله - عليه السلام -: " عليكم بدين العجائز " والمراد ترك النظر ولو كان واجبا لم يكن منهيا عنه (2).

١. زين الدين العاملي: حقائق الإيمان ٦١ بتلخيص. ط. مكتبة المرعشي.
٢. زين الدين العاملي: حقائق الإيمان 62.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»