الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٠١
1 - من ملك القدرة المالية والبدنية بالخروج عن أرض الشرك والكفر، والذهاب إلى دار الإيمان والإسلام، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه، وحان أجله فهؤلاء لو ماتوا على الكفر والشرك كانوا معذبين، ولم يقبل لهم العذر بأنهم كانوا مستضعفين في الأرض، إذ يجاب عليهم بأن أرض الله واسعة وكانوا متمكنين من الخروج عن حومة الكفر بالمهاجرة، فهم لم يكونوا بمستضعفين حقيقة للتمكن من كسر قيد الاستضعاف وإنما اختاروا هذا الحال بسوء اختيارهم.
وقسم ليست له مقدرة مالية أو بدنية ولا يهتدي سبيلا، فهذا هو المستضعف الديني لو مات على الكفر، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا.
وهم الذين أشار إليهم الذكر الحكيم في آية أخرى بقوله: * (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) * (التوبة / 106).
والوارد في الآية الكريمة من الاستضعاف الديني هو غير المتمكن من الخروج من أرض الشرك إلى أرض التوحيد، ولكن الملاك إذا كان هو عدم التمكن فالأقسام التالية كلها من الاستضعاف الديني:
أ: من يتوطن في بلد لا يتمكن من تعلم المعارف لخلوه عن العالم العارف.
ب: من لا يتمكن - والحال هذه - من العمل بالوظائف لخلو قطره عن الفقيه والعارف بالأحكام، ويشترك القسمان في أنهما غير متمكنين من الخروج إلى بلد آخر - يتوفر فيه العارف والعالم.
ج: من لا يتردد في عقائده ودينه ويراه أصولا رصينة كأنها أفرغت من حديد أو رصاص كأكثر البوذيين في المناطق الشرقية وأمثالها.
د: من كان ضعيف العقل والاستعداد لا يهتدي لشئ لضعف عقله وتفكيره. وهذا هو الاستضعاف الفكري الذي هو أيضا قسم من أقسام
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»