وهناك من جوز التقليد - تجاه من أوجبه - وقال: بأنه لو وجب النظر في المعارف الإلهية لوجد من الصحابة، إذ هم أولى به من غيرهم، لكنه لم يوجد، وإلا لنقل كما نقل عنهم النظر والمناظرة في المسائل الفقهية.
يلاحظ عليه: أن الأمر دائر بين الأخذ بهدي القرآن، وفعل الصحابة، فالأول متعين للاتباع والقرآن يدعو إلى التفكر وطلب البرهان ويقول: * (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) * (البقرة - 111) والآية واردة في رد قول اليهود: حيث قالوا: * (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) * والله سبحانه يصف كلامهم بأنه أمنية من أمانيهم، ويأمر نبيه أن يطلب البرهان لهذا التخصيص.
ولعل الصحابة كانوا في غنى في ذلك الزمان عن النظر والاستدلال لحصول اليقين لهم. على أن عليا إمام الصحابة وأقضاهم وأعلمهم، فقد ملأت خطبه ورسائله وكلمه، أنواع المعارف، ومنه أخذ أصحاب النظر أصول كلامهم وأنظارهم.
إن تجويز التقليد في الأصول، سبب لإماتة الدين، وزواله عن القلوب والأرواح، وفسح المجال للملاحدة والزنادقة لبث بذر الكفر والنفاق، أعاذنا الله من مكائدهم ودسائسهم.
هذا كله في الفرد المتمكن من تحصيل اليقين، وأما الكلام في الفرد القاصر فجدير بالبحث والدراسة، وإليك بعض الكلام فيه: