الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥١
ضروري سواء كان أصلا عقيديا أو حكما شرعيا، لأن مرجعه إلى إنكار رسالته في بعض النواحي.
وربما يستغرب الإنسان من الجمع بين العلم بكونه مما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع ذلك يجحد به ولكنه سرعان ما يزول تعجبه إذا تلى قوله سبحانه:
* (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) * (النمل - 14).
وقوله سبحانه: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) * (البقرة - 146) فنرى أنهم أنكروا ما أيقنوه، ونفوا ما عرفوه. هذا إذا لم يتجاوز الجحد حد اللسان، وإما إذا سرى إلى الباطن فمرجع الجحد عندئذ مع العلم بأنه مما جاء به النبي إلى نسبة الخطأ والاشتباه إلى صاحب الرسالة وتصوير علمه قاصرا في مجال المجحود.
وقد كان رجال من المنتمين إلى الإسلام، يخطئون التشريع الإسلامي، بتحريمه الفائز، والربا في القرض الرائج في الأنظمة الاقتصادية الغربية، قائلين، بأنه مدار الاقتصاد النامي وأسه، ومرجع ذلك - مع تضافر الآيات والروايات على تحريمه - إلى نسبة الجهل والقصور لصاحب الشريعة وما فوقه.
وحصيلة الكلام أن جحد ما علم الجاحد أنه من الإسلام، يورث الكفر سواء كان المجحود ضروريا من ضروريات الإسلام، أو كان حكما شرعيا غير ضروري. ولكن كان ثابتا عند الجاحد، وسواء كان الجحد باللسان غير سائر إلى مراكز الفكر والإدراك أو ساريا إليه.
وهذا القسم من الجحد، لا صلة له بما هو المعنون في كلامهم من أن إنكار ما علم أنه من الإسلام بالضرورة موجب للكفر، فإن الموضوع هناك، خصوص ما علم أنه ضروري وسيوافيك البحث فيه في السبب الثالث.
وقد وردت روايات عن أئمة أهل البيت - عليهم السلام - تركز على جحد
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»