الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٣
الرضا - عليه السلام - عن الإيمان؟ فقال: " الإيمان عقد بالقلب، ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون الإيمان إلا هكذا " (1).
وعلى ضوء هذا، فكيف نعد مرتكب الكبائر مؤمنا ولا نعد العمل ركنا للإيمان؟
هذا هو السؤال وأما الجواب فالتأمل والإمعان في الآيات والروايات يثبت أن للإيمان إطلاقات ولكل إطلاق فائدة وثمرة نشير إليها:
الأول: الاعتقاد بالأصول الحقة والعقائد الصحيحة الذي يترتب عليه في الدنيا، الأمان من القتل ونهب الأموال، والأمانة إلا أن يأتي بقتل أو فاحشة يوجب القتل أو الجلد أو التعزير.
وأما في الآخرة فيترتب عليه صحة أعماله واستحقاق الثواب عليها وعدم الخلود في النار، واستحقاق العفو والشفاعة، ويقابله الكفر.
وعلى هذا الإطلاق فمرتكب الكبيرة مؤمن وإن زنى وإن سرق.
الثاني: الاعتقاد الصحيح مع الإتيان بالفرائض التي ظهر وجوبها من القرآن وترك الكبائر التي أوعد الله عليها، وعلى هذا أطلق الكافر على تارك الصلاة، وتارك الزكاة وأشباههم وعليه يحمل قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن " وعليه يحمل قولهم: الإيمان عقد بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، وثمرة هذا الإيمان عدم استحقاق الإذلال والإهانة والعذاب في الدنيا والآخرة.
الثالث: الاعتقاد الصحيح مع فعل جميع الواجبات وترك جميع المحرمات، وثمرته، اللحوق بالمقربين، والحشر مع الصديقين وتضاف المثوبات ورفع الدرجات.

١. الصدوق: الخصال: ١ / 178 ح 240.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»