ذلك موجبا للنجاة يوم الحساب فلا، فإن للنجاة في الحياة الأخروية شرائط أخرى تكفل ببيانها الذكر الحكيم والسنة الكريمة.
وبذلك يفترق عن قول المرجئة الذين اكتفوا بالتصديق القلبي أو اللساني واستغنوا عن العمل، وبعبارة أخرى قدموا الإيمان وأخروا العمل، فهذه الطائفة من أكثر الطوائف خطرا على الإسلام وأهله، لأنهم بإذاعة هذا التفكير بين الشباب، يدعونهم إلى الإباحية والتجرد عن الأخلاق والمثل العليا ويعتقدون أن الوعيد خاص بالكفار دون المؤمنين، فالجحيم ونارها ولهيبها لهم دون المسلمين، ومعنى أنه يكفي في النجاة الإيمان المجرد عن العمل، وأي خطر أعظم من ذلك؟
وعلى ضوء ذلك يظهر المراد مما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم شهر رمضان " (1) فإن المراد من الإسلام، ليس هو الإسلام المقابل للإيمان في قوله سبحانه: * (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) * (الحجرات - 14) ولا الإسلام والإيمان بأقل درجاتهما الذي له أحكام خاصة، بل الإيمان المنجي لصاحبه من العذاب الأليم، وهذا لا يضر بما قلنا من أن مقوم الإيمان، هو العقيدة القلبية وذلك لأن المقصود هناك من الاكتفاء بالتصديق بشرط الإقرار هو الإيمان الذي يصون دم المقر وماله وعرضه، لا الإيمان المنجي في الآخرة، إذ هو كما في الرواية يتوقف على العمل. وإليه ينظر ما روي عن الإمام الصادق من أن الإسلام يحقن به الدم وتؤدي به الأمانة، ويستحل به الفرج، والثواب على الإيمان. (2) وحصيلة الكلام: أن كون التصديق القلبي مقياسا للإيمان، غير القول بأن