منقوض بآيات كثيرة استعملت الزيادة فيها في غير زيادة الكمية. قال سبحانه:
* (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) * (الإسراء / 109). وقال: * (ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا) * (الإسراء / 41). والمراد شدة خشوعهم ونفورهم، لا كثرة عددهم، إلى غير ذلك من الآيات التي استعمل فيها ذلك اللفظ في القوة والشدة لا الكثرة العددية.
2 - قوله سبحانه: * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * (البقرة / 143) وإنما عنى بذلك صلاتهم إلى بيت المقدس قبل أن تنسخ بالصلاة إلى الكعبة.
يلاحظ عليه: أن الاستعمال أعم من الحقيقة، ولا نشك في أن العمل أثر للإذعان ورد فعل له، ومن الممكن أن يطلق السبب ويراد به المسبب. إنما الكلام في أن الإيمان لغة وكتابا موضوع لشئ جزؤه العمل وهذا مما لا يثبته الاستعمال. أضف إليه أنه لو أخذنا بظاهرها الحرفي، لزم أن يكون العمل نفس الإيمان لا جزءا منه، ولم يقل به أحد.
3 - قوله سبحانه: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (النساء / 65). أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون إلا بتحكيم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتسليم بالقلب وعدم وجدان الحرج في قضائه. والتحكيم غير التصديق والتسليم، بل هو عمل خارجي.
يلاحظ عليه: أن المنافقين - كما ورد في شأن نزول الآية - كانوا يتركون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويرجعون في دعاويهم إلى الأخبار و - مع ذلك - كانوا يدعون الإيمان بمعنى الإذعان والتسليم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت الآية لا يقبل منهم ذلك الادعاء حتى يرى أثره في حياتهم وهو تحكيم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرافعات، والتسليم العملي أمام قضائه، وعدم إحساسهم بالحرج مما قضى. وهذا ظاهر متبادر من الآية وشأن نزولها. فمعنى قوله سبحانه: * (فلا وربك لا يؤمنون) *، أنه