الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠
أحكام رسول الله فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق، وأعلمهم أن جميع أحكامه على ما يظهرون وأن الله يدين بالسرائر (1).
روى الصدوق بسند صحيح قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - (الإمام الصادق): ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا؟ قال: " يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ويقر بالطاعة ويعرف إمام زمانه، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن " (2).
وقد استدل الإمام علي - عليه السلام - على خطأ الخوارج في رمي مرتكب الكبيرة بالكفر بفعل رسول الله وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعامل معهم معاملة المؤمن. وقال: " وقد علمتم أن رسول الله رجم الزاني ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث تراثه أهله، وقطع السارق، وجلد الزاني غير المحصن ثم قسم عليهما من الفيئ. فأخذهم رسول الله بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام ولم يخرج أسماءهم من بين أهله " (3).
فبما أن بعض السطحيين ربما يرمون أصحاب هذا القول بالإرجاء - وأين هو من الإرجاء - نزيد في المقام بيانا ونقول: إن كون القلب مركزا للإيمان وخروج العمل عن كونه عنصرا مقوما له، لا يعني أن التصديق القلبي يكفي في نجاة الإنسان في الحياة الأخروية بل يهدف إلى أنه يكفي في خروج الإنسان عن زمرة الكافرين الذين لهم خصائص وأحكام - التصديق القلبي -، فيحرم دمه وماله وتحل ذبيحته وتصح مناكحته، إلى غير ذلك من الأحكام التي تترتب على التصديق القلبي إذا أظهره بلسانه أو وقف عليه الغير بطريق من الطرق، وأما كون

١. الشافعي: الأم: ١ / ١٥٨ - ١٥٩.
٢. المجلسي: البحار: ٦٦ / ١٦، كتاب الإيمان والكفر، نقلا عن معاني الأخبار للصدوق.
3. نهج البلاغة الخطبة: 125.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»