الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٩٤
الروايات الإسلامية شروط الشفاعة وحرمان طوائف منها.
ولو افترضنا صحة ما ذكره من التمثيل فحكمه بحرمان العصاة من الشفاعة اجتهاد في مقابل نصوص الآيات وإخضاع لها لمدرسته الفكرية.
يقول الزمخشري في تفسير قوله سبحانه: * (أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) *. قال: * (ولا خلة) * حتى يسامحكم أخلاؤكم به، وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعا يشفع لكم في حط الواجبات لأن الشفاعة ثمة في زيادة الفضل لا غير " (1).
ويلاحظ عليه: أن الآية بصدد نفي الشفاعة بالمعنى الدارج بين اليهود والوثنيين لأجل أنهم كفار، وانقطاع صلتهم عن الله سبحانه، وبالتالي إثباتها في حق غيرهم بإذنه سبحانه ويقول في الآية التالية: * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * وأما أن حقيقة الشفاعة زيادة الفضل لا حط الذنوب فهو تحميل للعقيدة على الآية فلو استدل القائل بها على نفي الشفاعة بتاتا لكان أولى من استدلاله على نفي الشفاعة عن الكفار، وذلك لأن المفروض أن الشفاعة بمعنى زيادة الفضل لا حط الذنوب، وهو لا يتصور في حق الكفار لأنهم لا يستحقون الثواب فضلا عن زيادته.

1. الكشاف: 1 / 291 في تفسير الآية رقم 254 من سورة البقرة.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»