الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٨٥
وأما الإجابة: فإن توصيفه باليسر، أو بأنه نزل بلغة عربية واضحة يهدفان إلى أمر آخر، وهو أن القرآن ليس ككلمات الكهنة المركبة من الأسجاع والكلمات الغريبة، ولا من قبيل الأحاجي والألغاز وإنما هو كتاب سهل واضح، من أراد فهمه، فالطريق مفتوح أمامه وهذا نظير ما إذا أراد رجل وصف كتاب ألف في علم الرياضيات، أو في الفيزياء أو الكيمياء يقول: ألف الكتاب بلغة واضحة، وتعابير سهلة، فلا يهدف قوله هذا إلى استغناء الطالب عن المعلم ليوضح له المطالب ويفسر له القواعد.
ولأجل ذلك قام المسلمون بعد عهد الرسالة بتدوين ما أثر عن النبي أو الصحابة والتابعين أو أئمة أهل البيت - عليهم السلام - في مجال كشف المراد وتبيين الآيات ولم تكن الآيات المتقدمة رادعة لهم عن القيام بهذا الجهد الكبير.
نعم إن المفسرين في الأجيال المتلاحقة ارتووا من ذلك المنهل العذب (القرآن) ولكل طائفة منهم شرعة ومنهاج في الاستفادة من القرآن والاستضاءة بأنواره، فالمنهل واحد والمنهاج مختلف: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) *. (1) القرآن وآفاقه اللامتناهية:
يتميز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية بآفاقه اللامتناهية كما عبر عن ذلك خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال:
" ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم، وعلى تخومه تخوم، لا تحصى

1. المائدة: 48.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»