الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٣٦
ونبذ الفرقة والاختلاف والتشاجر والتشاحن، والطرد والإقصاء.
هذه هي الآيات الكريمة والسنة النبوية المشرفة تدعو إلى الوئام، وبينما نحن على العكس ندعو بأفعالنا وأقلامنا إلى الفرقة والاختلاف، فيتهم ويسب ويكفر بعضنا بعضا، وكأن الجميع قد نسوا أن العدو الذي يتحين الفرص لسحقهم، هو غير الشيعي والسني، وإنما هو معسكر الغرب وأذنابه ودعاته ومؤيدوه، وقد نصبوا شراكهم لعامة الفرق الإسلامية بدون استثناء ليصبحوا فريسة لأهدافهم.
إن بعض أصحاب القلم من المسلمين قد انسحبوا من جبهة الصراع مع أعدائهم الحقيقيين ولجأوا إلى جبهة معارضة ضد إخوانهم وكأنه ليس لهم على وجه البسيطة عدو سواهم، وهذا مؤسف جدا.
إن الوحدة الإسلامية أمنية كل مسلم عاقل عارف بما حيك للمسلمين من مصائد في هذه الأيام لاستغفالهم، ولا تتحقق الوحدة إلا بالتفاهم بين الفرق لوجود الأصول المشتركة بينهم ثم السماح لكل فرقة أن تجتهد في غيرها.
فمثلا، إن المتعة والزواج المؤقت مسألة فرعية دام الاختلاف فيها منذ عصر الخلفاء وحتى يومنا هذا، وهي مسألة فقهية قرآنية حديثية، فمن قائل بكونها حلالا في عصر الرسول باقية على حكمها إلى عصرنا هذا، إلى قائل بأنها نسخت في عصر الرسول وكانت حلالا سنين وشهورا، إلى ثالث بأنها نهى عنها الخليفة عمر بن الخطاب، والتحريم سنة له.
ولكل حجته ودليله، فللمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد، ومع ذلك نرى أن هذه المسألة أوجدت ضجة كبرى بين المعارضين للشيعة، وكأن القول بالحلية إفتاء بالكفر، فما أكثر الخلاف في المسائل الفرعية بين أئمة المذاهب، فلماذا يتخذ ذلك الخلاف كقميص عثمان ضد شيعة أهل البيت.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 141 143 ... » »»