لقد أعطى القرآن الكريم عناية خاصة بعصبة المنافقين وأعرب عن نواياهم وندد بهم في السور التالية: البقرة، آل عمران، المائدة، التوبة، العنكبوت، الأحزاب، محمد، الفتح، الحديد، المجادلة، الحشر، والمنافقون.
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي بين معروف، عرف بسمة النفاق ووسمة الكذب، وغير معروف بذلك مقنع بقناع التظاهر بالإيمان والحب للنبي، فلو كان المنافقون جماعة قليلة غير مؤثرة لما رأيت هذه العناية البالغة في القرآن الكريم. وهناك ثلة من المحققين كتبوا حول النفاق والمنافقين رسائل وكتابات وقد قام بعضهم بإحصاء ما يرجع إليهم فبلغ مقدارا يقرب من عشر القرآن الكريم، وهذا يدل (1) على كثرة أصحاب النفاق وتأثيرهم يوم ذاك في المجتمع الإسلامي، وعلى ذلك لا يصح لنا الحكم بعدالة كل من صحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع غض النظر عن تلك العصابة، المتظاهرة بالنفاق والمختفية في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ج - مرضى القلوب:
وهذه المجموعة من الصحابة لم يكونوا من زمرة المنافقين بل كانوا يتلونهم في الروحيات والملكات مع ضعف في الإيمان والثقة بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال سبحانه بحقهم: * (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * (2).
فأنى لنا أن نصف مرضى القلوب الذين ينسبون خلف الوعد إلى الله سبحانه وإلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتقوى والعدالة؟