[167] جاءت فاطمة، ومعها الحسن والحسين، إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في المرض الذي قبض فيه.
فانكبت عليه فاطمة، وألصقت صدرها بصدره، وجعلت تبكي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مه، يا فاطمة، ونهاها عن البكاء.
فانطلقت إلى البيت، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يستعبر الدموع -: اللهم أهل بيتي، وأنا مستودعهم كل مؤمن، ثلاث مرات (1).
فالمشهد رهيب:
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجى، ستفقده الأمة بعد أيام، وتفقد معه: الرحمة للعالمين، وأما أهل البيت عليهم السلام، فسيفقدون - مع ذلك - الأب، والجد، والأخ، تفقد الزهراء أباها، ويفقد الحسنان جدهما، ويفقد علي أخاه وانكباب فاطمة على أبيها، يعني منتهى القرب، إذ لا يفصل بينهما شئ سوى الصدر، والصدر محل القلب، والقلب مخزن الحب، فالتصاق الصدرين بين الأب والبنت، في مرض الموت، ينبئ عن منظر رهيب ملئ بالحزن والعاطفة، بما لا يمكن وصفه.
وليس هناك ما يعبر عن أحزان فاطمة عليها السلام، إلا العبرة تجريها، والرسول الذي يؤذيه ما يؤذي ابنته فاطمة، لا يستطيع أن يشاهدها تبكي،