والمصير الغيبي الذي كان يعلمه هو، يعلمه كل من سمع جده النبي يتحدث عن كربلاء، أو شاهده، وشاهد أباه عليا، يشمان تربتها ويتناولانها، ويتعاطيانها، ويستودعانها، كان هذا المصير يقود الإمام الحسين عليه السلام.
وأما من كان مع الحسين، في مسيره:
فقد كان عليه السلام يصطحب معه جيشا يشير إليه، ويستعرضه، كلما سئل عنه؟ ألا وهي أكداس الرسائل وكتب الدعوة الموجهة إليه من الكوفة، ممن كان يعبر عن رأي عامة الناس، من الرؤساء والأعيان.
إنه عليه السلام كان يعد تلك الأعداد من الكتب والرسائل جيشا، يستحثه المسير، ويصاحبه، وكان كلما عرضه على المتسائلين والمتشائمين، بل الناصحين، أفحموا، ولم يملكوا جوابا!
وليس الاستناد إلى هذا الكم الهائل من عهود الناس - وفيهم أصحاب الزعامة، والكلمة المسموعة - بأهون من الاعتماد على أمثالهم من الأشخاص المجندين الحاضرين معه، لو كانوا!
فإن احتمالات الخيانة والتخاذل في الأشخاص، مثلها في أصحاب الرسائل والعهود، إن لم تكن أقوى وأسرع!؟
وغريب أمر أولئك الذين ينظرون إلى الموقف من زاوية المظاهر الحاضرة، ويحذفون من حساباتهم الأمور غير المنظورة، ويريدون أن يحاسبوا حركة الإمام وخروجه، على أساس أنه إمام عالم بالمصير، بل لا بد أن يعرف كل شئ من خلال الغيب، فكيف يقدم على ما أقدم وهو عالم بكل ما يصير؟
والغرابة في أن الإمام الحسين عليه السلام لو عمل طبقا لما يعلمه من