وعلامة أخرى، إن هذه التربة مفيضة للدمعة، وقد جربها علي عليه السلام لأول مرة وقعت بيده، فقال:
فلم أملك عيني أن فاضتا.
وبعد هذه الأعوام الطوال، والحسين يقرب من الثلاثين من عمره، يقف علي عليه السلام على هذه الأرض، ليقف على تلكما العلامتين، ويعلن عن الغيب المستودع، مرتين، مرة حين سار إلى صفين، كما قرأنا في الحديث السابق، ومرة أخرى حينما رجع من صفين، قال الراوي:
[238] أقبلنا مرجعنا من صفين، فنزلنا كربلاء، فصلى بها علي صلاة الفجر، بين شجرات ودوحات حرمل، ثم أخذ كفا من بعر الغزلان فشمه، ثم قال: أوه، أوه، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب (1).
لقد شم علي تربة هذه الأرض من يد النبي أمس، ويشمها اليوم وهو على أرض كربلاء، يقدسها، فيصلي فيها.
ولئن كانت أنباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من دلائل النبوة، فإن حضور علي عليه السلام على هذه الأرض، وإعلانه عن أنباء الغيب التي أوحاها إليه الرسول، وحملها عليا، فهي من دلائل الإمامة.
وزاد علي عليه السلام أن حضر في كربلاء، وقدس أرضها، وواسى ابنه الشهيد بنداء له: صبرا أبا عبد الله، صبرا أبا عبد الله.
وإذا كانت أنباء كربلاء من الغيب الذي يوحيه الله إلى الرسول، فلا بد أن