إنه مر مع جماعة بحمص عصر أحد الأيام، فسألوا عن وحشي فقيل: لا تقدرون عليه، هو الآن يشرب الخمر، وفي سكر شديد، حتى يصبح، فلما كان الصبح سألوه عن قتل حمزة، فقال:
كنت عبدا لجبير بن مطعم بن عدي، فلما خرج الناس إلى أحد دعاني وقال: قد رأيت مقتل أخي طعيمة بن عدي، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر، فلم تزل نساؤنا في حزن شديد إلى يومي هذا، فإن قتلت حمزة فأنت حر، فخرجت مع من خرج، وكان لي مزاريق، [وكنت أمهر الرماة] وكنت أمر بهند بنت عتبة، وتشجعني وتقول: إيه أبا دسمة، اشف، واشنف. فلما وردنا أحد نظرت حمزة يقدم الناس يهذهم هذا، فرآني، وقد كنت كمنت له خلف شجرة، فأقبل نحوي، وتعرض له سباع الخزاعي، فقال له حمزة: وأنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكر علينا، هلم إلي، وأقبل نحوه حتى رأيت برقات رجليه، ثم ضرب به الأرض وقتله، وأقبل نحوي سريعا، ويعترض له جرف فيقع فيه، وأزرقته بمزراقي فيقع في لبته حتى خرج من بين رجليه فقتله، ومررت بهند بنت عتبة فآذنتها، فأعطتني ثيابها وحليها.
وبعد أن ألقت الحرب أوزارها، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): التمسوا حمزة. فبعث أحد أصحابه يلتمسه، فلم يعد لما رأى حمزة بتلك الحالة من التمثيل، ثم بعث آخر وآخر وكل من يذهب ويشاهده بهذه الحالة لم يعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليخبره، فلما استبطأهم قام وقال: أنا ألتمسه بنفسي. فلما شاهده وهو مطروح ببطن الوادي وقد مثل به شر تمثيل، فحينما رآه (صلى الله عليه وآله) بكى، ثم قال له مخاطبا: لن أصاب بمثلك أبدا، ما وقفت موقفا قط أغيظ علي من هذا الموقف.
ورثاه بقوله: يا عم رسول الله، أسد الله وأسد رسوله، يا حمزة، يا فاعل الخيرات. يا حمزة، يا كاشف الكربات، يا حمزة، يا ذاب، يا مانع عن وجه