ولعبيدة بن الحارث من العمر سبعون سنة، فاختلفا بضربتين، فضربه عبيدة على رأسه ضربة فلقت هامته، وضرب شيبة ساق عبيدة فأطنها - فقطعها - وسقطا على الأرض. وبارز حمزة عتبة وهما أوسط القوم سنا، وكان عمر حمزة حينذاك سبعا وخمسين عاما، فتضاربا بالسيفين حتى انثلما، واعتنقا، فصاح المسلمون: يا علي، أدرك عمك، أما ترى الكلب قد بهر عمك حمزة، وكان حمزة أطول من عتبة، فقال علي: يا عم، طأطئ رأسك، فأدخل حمزة رأسه في صدر عتبة، فضرب علي عتبة فطرح نصفه، وكر حمزة وعلي على شيبة فأجهزا عليه، ثم حملا عبيدة بن الحارث مقطوع الساق فألقياه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبكى عبيدة وقال: هل وفيت يا رسول الله؟ فقال: نعم، وأنت أمامنا في الجنة. وبعد انتهاء المعركة رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه والأسرى إلى المدينة، ونقلوا عبيدة بن الحارث معهم جريحا، فمات في الطريق ب (الصفراء)، ودفن فيها شهيدا.
فسلام عليه يوم ولد ويوم أسلم وجاهد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا.
وخلاصة المعركة: استشهد من المسلمين أربعة عشر مجاهدا بما فيهم عبيدة بن الحارث، وقتل من صناديد المشركين ومشيخة قريش سبعون رجلا، واسر منهم سبعون، وفر الباقون بما خف وغلا، جارين ذيول الذل والهوان والهزيمة المنكرة تاركين قتلاهم بالعراء.
قال ابن سعد في طبقاته، وابن الأثير في الكامل: برز حمزة يوم بدر معلما بريشة نعامة على صدره وعلى بيضة رأسه، وهي شارة البطولة والشجاعة والفروسية.
وقال أمية بن خلف لعبد الرحمن بن عوف - وكان مع المشركين حينذاك -:
من الرجل المعلم بريشة نعامة على صدره؟ قال: هو حمزة بن عبد المطلب. قال