وإذ رأيت حمزة يفري الناس فريا، ويهذي الناس بسيفه، وما يلقى شيئا يمر به إلا قتله، فكمنت له إلى صخرة، فاعترض له سباع بن عبد العزى الغيشاني، فقال له حمزة: وأنت أيضا يا ابن مقطعة البظور (1) ممن يكثر علينا، هلم إلي، واحتمله بسيفه حتى إذا رفعه رمى به الأرض فبرك عليه وشحطه شحط الشاة وقتله، ثم أقبل علي مكبا حين رآني، فلما بلغ المسيل وطئ على الجرف فزلت قدمه فهززت حربتي حتى رضيت منها فضربته بها في خاصرته حتى خرجت من مثانته، وكر عليه طائفة من أصحابه، فأسمعهم ينادونه ويقولون: أبا عمارة، أبا عمارة، فلا يجيبهم، فقلت: لقد مات الرجل، وانكشف عنه أصحابه حين أيقنوا بموته، وهم لا يروني، فرجعت عليه فأخذت حربتي ثم تنحيت إلى العسكر.
قال وحشي: فجئت إلى هند بنت عتبة، فقلت لها: ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك. قالت: سلبي. فقلت: أنا قتلته. فنزعت ثيابها وما كان عليها من حلي، ثم قالت: إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير، ثم قالت: أرني مصرعه. فأريتها، فجلست عنده وبقرت بطنه وأخرجت كبده فلاكتها فلم تستسيغها فلفظتها، فسميت ب (آكلة الأكباد)، ثم قطعت مذاكيره، وجدعت أنفه، وقطعت اذنيه، وجعلت منهم مسكتين، ومعضدين، وخدمتين.
وقال وحشي: ثم وقفت هند وصويحباتها على أجساد القتلى يمثلن بهم، واتخذن من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلائدا، بعد أن أعطت هند خدمها وقلائدها وخلاخلها وحشيا، ألا لعنة الله على القوم الكافرين.
ورواية أخرى عن الواقدي بسنده عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: