الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٦٢
مكان، وفي تلك الحقبة كان مهاجر فارسي عظيم الأهمية، وغامض الشخصية، يسمى " طاهر شاه الحسيني " يقبض بيديه على الموقف الديني العام وعلى الملك، وكان سياسيا وأديبا وعالما فذا ولا ريب، فإن دراسة حياته وتاريخه من كافة النواحي طريفة وشيقة، ولكن الوصول إلى كنهه من الصعوبة بمكان، وإني في هذا المقال ألفت نظر المؤرخين إلى هذا الاكتشاف العجيب عن هذه الشخصية التي اعتربت في " بدخشان " و " إيران " و (بلاد الشام) كإمام للإسماعيلية على اعتبار أنه يتحدر من سلالة أئمة " الموت " النزاريين " الخدوندية " الذين ينتسبون إلى أئمة مصر الفاطميين.. وقد يكون ظهوره الفجائي هذا قد أعاد أو يعيد إلى الأذهان، سيرة فرع من فروع الإسماعيلية النزارية، ومع أن هذا الفرع يكاد يكون منسيا إلا أن له أثرا كبيرا في تاريخ الشعوب الإسلامية في آسيا الوسطى والهند وبلاد الشام.
ذكر الإمام " طاهر الحسيني " في عدد كبير من الكتب التاريخية الهندية والفارسية والسورية والأفغانية، ومع سيرة حياته ذكروا نشاطه المرموق في عالم السياسة. أما أعماله العلمية فقد ضاع أكثرها كما ضاعت كل آثار أسلافه وسلالته، ومن المصادفات الجملية أني أفلحت في اكتشاف مصدرين عن حياته فقط، والحقيقة: فقد يكون من المفيد الاستمرار في البحث والدراسة عن هذه الشخصية المجهولة وعن سلالته ومؤلفاته وخاصة في أقطار الهند، ففي ذلك خدمة للتاريخ.
إن أفضل بيان تفصيلي عن " طاهر شاه الحسيني " يوجد في تاريخ " فيرستا " (FIRISHTA)، ومؤلف هذا الكتاب ولد سنة (960 ه‍ أو سنة 1553 م) في " مازندران " بإيران، ومنها جاء إلى مدينة " أحمد نكر " الهندية وذلك بعد وفاة " طاهر شاه الحسيني " بعشرة أو بخمسة عشر عاما.. وفي ذلك الوقت كان العديد من أسرة " طاهر شاه الحسيني " يقيمون هناك، ومن المرجح أن العلاقات بين عائلة مؤلف " فيرستا " وعائلة الإمام طاهر كانت وثيقة وعاطفية، والسبب لكونهم من بلد واحد هو " إيران "، وهذا ما جعل المؤلف يكتب تاريخ حياته بموضوعية وعمق وتهذيب.
كتب مؤلف " فيرستا " تاريخ سنة (1015 ه‍ أو سنة 1606 م)، ويذكر
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»