الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٢٧
الدين واعتبره سجينا لديه، ثم أرغمه على مصاحبته إلى (ميمون دز) حيث عاش سجينا لا يبرح مكانه.
على أنه مهما يكن من أمر، فسواء صح الافتراض الأول، وهو أنه ذهب إلى النزاريين مختارا وأنهم لم يؤذوه ولم يعتبروه أسيرا أو سجينا. أو صح أحد الأمرين الآخرين، وهو أنهم هم الذين اختطفوه وحجزوه لديهم، أو أنه ذهب مختارا ثم فسد ما بينه وبينهم فضيقوا عليه وحبسوه. سواء صح هذا أو ذلك أو ذلك فليس في واحد منها إلا ما يدحض مزاعم ابن تيمية من أنه " أهم رجالات الإسماعيلية الملاحدة وأنه وزيرهم ".
فإذا صح الافتراض الأول فهو لا يدل إلا على أن نصير الدين الطوسي كان مجرد لاجئ مع غيره من اللاجئين الفارين بدمائهم إلى مكان يحميهم من القتل العام، فهو ليس من رجالات الإسماعيليين أصلا، فضلا عن أن يكون من أهم أولئك الرجالات، وموقع اللاجئ في ملجئه موقع الضعيف المقهور الذي يحس الذل والهوان في كل ركن يأوي إليه وكل خطوة يخطوها.
ولا يكتفي ابن تيمية بوصف الطوسي بما وصفه به، بل يزيد على ذلك بأنه وزيرهم!..
اللاجئ المقهور المستكين الذي لا يطمح بأكثر من الحمى الأمين يتحول عند ابن تيمية إلى وزير!. أما إذا لم يصح الافتراض الأول فالطوسي كان أسيرا سجينا في الموت قاعدة (الإسماعيليين الملاحدة).
على أنه ما لنا ولكل هذه الافتراضات ما دمنا أمام نص صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، نص خطته أنامل نصير الدين الطوسي نفسه، فأرانا حقيقة حاله وما كان عليه. يقول نصير الدين الطوسي في آخر كتابه (الإشارات) الذي ألفه خلال إقامته في قلاع النزاريين ما نصه:
" رقمت أكثرها في حال صعب لا يمكن أصعب منه حال، ورسمت أغلبها في مدة كدورة بال لا يوجد أجدر منه بال، بل في أزمنة يكون كل جزء منها ظرفا
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»