الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٢٩
الناهي المسيطر في بغداد!.. إنه هو الذي أصدر الأمر بقتل الخليفة!..
هولاكو قائد الجيوش الجرارة، الحاكم المطلق، قاهر الدول ومذل الملوك، يتخلى فجأة عن سلطاته ليجعلها في يد رجل غريب أسره بالأمس فيمن أسر من الرجال!.
هذا هو منطق ابن تيمية!. إن الذي يأمر وينهى، والذي يصدر أوامر القتل، وقتل من؟. قتل الخليفة.. هو نصير الدين الطوسي لا هولاكو.
ولم يشرح لنا ابن تيمية سبب زهد هولاكو بالسلطة بعد انتصاره الحاسم، ولا علة اعتكافه وتنازله عن الحكم لرجل غريب مثل الطوسي!..
إن ابن تيمية لا يبالي أن يدافع عن الوثني الطاغية السفاك السفاح ويبرئه من الأمر بقتل الخليفة ويلصق ذلك بالمسلمين، إنه لا يبالي بذلك بعد أن غطت العصبية العمياء على بصيرته!.
وننقل لابن تيمية نصوص المؤرخين الذين ذكروا مقتل الخليفة، ننقلها وهو وراء القرون الخوالي، ننقلها له لأنه لا يزال يعيش فيما سطرته أنامله من أضاليل.
إن صحب كتاب (الحوادث الجامعة) الأقرب عهدا بعصر هولاكو، بل المعاصر له، يقول: إن هولاكو أمر بقتله فقتل يوم الأربعاء رابع عشر من صفر ولم يهرق دمه بل جعل في غرارة ورفس حتى مات (1) ويقول أبو الفداء (2) إنهم أي المغول قتلوه (ولم يقع الاطلاع على كيفية قتله، فقيل خنق، وقيل وضع في عدل ورفسوه حتى مات، وقيل غرق في دجلة والله أعلم بحقيقة ذلك).
وقد ذكر المؤرخ الأرمني (قيراقوز) وهو معاصر (ت 671 ه‍ - 1272 م) أن هولاكو قتل الخليفة بيده (3) وكان في قوات هولاكو التي اشتركت في فتح بغداد

(1) الصفحة 327.
(2) الصفحة 194، ج 3. وأبو الفداء عندما يذكر وفاة نصير الدين الطوسي في أحداث سنة 672 ينصفه ويذكره بكل إجلال، ويصفه بأحسن الصفات.
(3) العراق في عهد الملوك الإلخانيين للدكتور جعفر خصباك.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»