الإسلام والشيعة الإمامية في أساسها التاريخي - محمود الشهابي الخراساني - الصفحة ٦
والإنصاف، غارقة في عين حمئة من الجور والاعتساف، بل ربما أرخى في بعضها عنان القلم فجال في مجال البهتان وماد في ميدان القذف والافتراء ونال من مخالفه ما جرح قلب المروئة والصداقة بالشتم والسب والاعتداء!
- 3 - إذ ليس الغرض من هذه المتقدمة عرض ما ضبطه التاريخ أو ما نسمعها أو نشاهدها في عصرنا، عصر الصواريخ، من تلك الحوادث المؤسفة الناشئة هن العصبية واللداد وتعداد هذه الوقائع المؤلمة الباعثة للكآبة والملال فليقتصر فيها على إيراد واقعتين منها كي تعتبر أولو الأبصار مما يفعل التعصب بأهله من الآثار والأخطار:
حكى عز الدين، عبد الحميد بن أبي الحديد، في شرحه على النهج (ذيل ما صدر عن علي (ع) في وصف الأتراك - كأني أراهم قوما كان وجوههم، المجان - المطرقة... -) واقعة هجوم التتار على بلاد الإسلام (سنة 616 ه‍. ق) وكان ذاك - الهجوم في زمانه، فقال، بعد نقل فتوحات التتار وما كان منهم من القتل والنهب والسبي والحرق والهدم والاستيصال:
"... ولم يبق في البلاد الناطقة باللسان الأعجمي، بلد إلا حكم فيه سيفهم، أو كتابهم، فأكثر البلاد قتلوا أهلها وسبق السيف العذل... ولم يبق إلا أصبهان فإنهم نزلوا عليها مرارا في سنة سبع وعشرين وستمأة (627) وحاربهم أهلها، وقتل من - الفريقين مقتله عظيمة، ولم يبلغوا منها غرضا، حتى اختلف أهل أصبهان، في سنة ثلاث وثلاثين وستمأة (633) وهم طائفتان: حنفية وشافعية، وبينهم حروب متصلة، وعصبية ظاهرة. فخرج قوم من أصحاب الشافعي إلى من يجاورهم ويتاخمهم من ممالك التتار، فقالوا لهم: اقصدوا البلد حتى نسلمه إليكم!!
" فنقل ذلك إلى قاآن بن جنكزخان، بعد وفاة أبيه، والملك يومئذ منوط بتدبيره، فأرسل جيوشا من المدينة المستجدة، التي بنوها وسموها قراقرم، فعبرت جيحون مغربه (أي متجهة إلى الغرب) وانضم إليها قوم ممن أرسله جرماغون على
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»