به إبراهيم وموسى وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه... " 1 وإلى كثير من الآيات، والروايات، الواردة بهذا المضمون، لا نطيل بذكرها.
هذا ما اهتم به الدين، وأراده الله ورسوله، من المسلمين. فيجب أن تدور عليه حياتهم في أفكارهم، وأقوالهم، وأفعالهم، وجميع حركاتهم وسكوناتهم، وكيف لا وجميعهم مؤمنون بأن إلههم واحد، وكتابهم واحد، وشرعهم واحد، وبالجملة كلهم معتقدون بالدين، وبكل ما ورد في الدين، ومذعنون بوجوب الطاعة والامتثال لما ثبت في الدين باليقين؟
المسلمون، بحسب الإيمان والاعتقاد، يحومون حول أمر واحد، ويدورون على محور مركز فارد، فهم بهذا الاعتقاد والإيمان، إن توجهوا إليه وحافظوا عليه، كنفس واحدة، منضما كل إلى غيره بالسنخية، ولا مدخل للخلاف والاختلاف بينهم، وما داموا كان ذاك الإيمان والاعتقاد فيهم راسخا، وكان عملهم وفق ما يقتضيه ذلك الاعتقاد قائما ثابتا، ما انفكوا عن الاتحاد والائتلاف فما برحوا متعانقين السيادة والسعادة والاعتلاء.
- 2 - ذاك ما هدى 1 إليه الإسلام وأرشد، واهتم به الدين وشدد، وهذا ما يلزمه خالص إيمان المسلمين ويوجبه ادعائهم المتقن واعترافهم المؤكد. فمن أين دب فيهم تنين - الخلاف؟ وكيف حدث بينهم حدث الاختلاف؟ ولم صار اختلافهم بحيث أورث - التفرقة، وصيرهم فرقة خصيم فرقة، وجعلهم طوائف تعادى، بل تقاتل، طائفة طائفة؟
فيا للأسف كم من مجادلات قولية وتعصبات كلامية، اتفقت بين هذه الطوائف والفرق!؟ وكم من مجاولات فعلية دامية، حدثت في ما وقع واتفق: تارة بين الحنفية وبين الشافعية! ومرة بين الحنبلية وبين غيرها! وثالثة بين هذه المذاهب وبين الشيعة