أما النووي.. فما قال إلا أن فيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر فلم يتعرض للإمامة والخلافة، ولم يدع دلالة الحديث عليها لا بالصراحة ولا بالكناية...
ونقول: أما الفضيلة فتتوقف على ثبوت القضية، وأما كونها خصيصة فتتوقف - بالإضافة إلى الثبوت - على عدم ورود مثل ذلك في حق غيره.
وأما الخطابي وغيره.. فزعموا الخصيصة و الإشارة القوية إلى استحقاقه للخلافة، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي، في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر بل جعل بعضهم الباب كناية عن الخلافة والأمر بالسد كناية عن طلبها...
ونقول: أما الخصيصة فقد عرفت ما في دعواها. وأما الإشارة القوية...
فلا دليل عليها إلا ما زعمه من القرينة الحالية... لكن القول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر أبا بكر بالصلاة كذب (1).
وهل هذه الإشارة القوية مبنية على إرادة الحقيقة أو المجاز؟ قولان...
والقسطلاني.. بعد أن زعم الدلالة في موضع، نسبها في موضع اخر إلى قيل وذكر القولين من الحمل على الحقيقة أو المجاز، واكتفى بنقل الخلاف فقال: قيل:
وفيه تعريض بالخلافة له، لأن ذلك إن أريد به الحقيقة فذاك... وإن أريد به المجاز فهو كناية عن الخلافة.... وقد عرفت أن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة، لكن الدلالة على الخلافة متوقفة على ثبوت أصل القضية، ثم ثبوت عدم ورود مثلها في حق غيره!!
فالعجب من مثل ابن حجر العسقلاني... كيف يسكت على دعوى دلالة الحديث على الإمامة - إن لم نقل بكونه من القائلين بذلك - بعد رده على دعوى المجاز كما عرفت وإثباته ورود مثل الحديث في حق علي عليه السلام كما ستعرف؟!