الأمر الثالث: المطلوب إنجازه في الرسالة الخاتمة هو تطبيق الحق العدل على الناس تطبيقا كاملا على مستوى الفرد والجماعة معا، حيث يمكن أن نفترض بأن الحجة تقام على الناس وتفرض الهيمنة العامة بعد ذلك للمؤسسة السياسية التي نعبر عنها بالدولة أو الحكومة على الناس، ولكن لا يتحقق التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية على جميع هؤلاء الناس، كما كان ذلك الأمر في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله في حدود الجزيرة العربية، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله تمكن من فرض الهيمنة الإسلامية كدولة وقوة يخضع لها الناس في حدود الجزيرة العربية، بعد أن أقام الحجة عليهم، ولكن الكثير من هؤلاء الناس كان يرتكب الآثام - أيضا - ويحرف قوانين الحق والعدل التي شرعها الإسلام، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك عند الإشارة إلى حركة المنافقين، وإلى مجتمع الأعراب ومخالفات بعض المسلمين من المؤلفة قلوبهم، أو ضعفاء الإيمان، أو ضعفاء الإرادة والالتزام، حيث كان ترتكب مثل هذه القضايا حتى في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلن - أحيانا - إنكاره وبراءته مما كان يرتكب في زمانه من هذه المخالفات، إذ لم يطبق الحق تطبيقا كاملا على جميع هؤلاء الناس حتى في حدود الجزيرة العربية.
وهذا التطبيق الكامل هو الذي نعبر عنه في ثقافتنا وثقافة