بصورة خاصة، ولكنها مع كل ذلك كانت تتصف بدرجة معينة من الالتزام الديني العام والقرب الزمني من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، بحيث كان يعبر عنها الإمام علي عليه السلام - أحيانا - بما روي عنه من قوله: (ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة) (1) شك، وكان يقدم فيها المشورة إلى الخلفاء ويشترك في إدارة بعض الأمور فيها، وكان يشارك فيها أخيار الصحابة وصلحائهم وخاصتهم، أمثال سلمان الفارسي - الذي يعبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله بسلمان المحمدي - وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود، وغيرهم كثير...
حيث تمكنت هذه الدولة في فترة ربع قرن من الزمان من أن تفرض هيمنتها على جزء كبير من العالم المتحضر في ذلك العصر (الدولة الفارسية) بكامل أجزاءها والقسط الأعظم من (الدولة الرومانية) وقسم كبير من إفريقيا.
وحركة الهداية وإقامة الحجة في هذه الفترة الزمنية، وإن لم تكن في مستواها المطلوب، قد واكبت حركة الهيمنة والسلطة، ولكنها كانت حركة قائمة وتحضى باهتمام مناسب من الدولة، ولا سيما وأن النبي كان قد شرع فيها قبل وفاته.