أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٠٤
فقالت: أولم تسمع أن الله يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} (1)؟ أولم تسمع أن الله يقول: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم} (2)؟ قالت: ومن زعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} (3) قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} (4) (5).
* * * التاسع: أن للشيخ الجصاص الحنفي (ت 370 ه‍) كلاما رائعا في تفسير قوله سبحانه: {لا تدركه الأبصار} وقد فسر الروايات الدالة على الرؤية بالعلم الضروري الذي لا يشوبه شبهة، ولا تعرض فيه الشكوك، ولأجل إيقاف القارئ على كلام ذلك المفسر الكبير الذي هو من السلف الصالح نذكر نص كلامه:
قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} يقال: إن الإدراك أصله اللحوق، نحو قولك: أدرك زمان المنصور، وأدرك أبا حنيفة، وأدرك الطعام، أي لحق حال النضج، وأدرك الزرع والثمرة، وأدرك الغلام إذا لحق حال الرجال، وإدراك البصر للشئ لحوقه له برؤيته إياه، لأنه لا خلاف بين أهل اللغة إن قال القائل أدركت ببصري شخصا معناه: رأيته ببصري، ولا يجوز أن يكون

(٧٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 696 697 698 699 700 701 702 703 704 705 706 » »»