الإدراك في الآية بالإحاطة.
فقد نقل عن عطية العوفي أنهم ينظرون إلى الله، لا تحيط أبصارهم به من عظمته، وبصره يحيط بهم فذلك قوله: {لا تدركه الأبصار} (1).
وأنا أجل عطية العوفي تلميذ ابن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري عن هذا التفسير الذي لا يوجد له أصل في اللغة، وهذه هي الكلمة الدارجة بين أهل الرجال في أصحاب الرسول، يقولون: أدرك رسول الله أو لم يدركه، فلا يراد من الأول أنه واكب حياته منذ بعثته حتى رحيله، بل يراد منه أنه رآه مرة أو مرتين، أو أياما قلائل، وربما يقال: إنه أدرك رسول الله وهو صبي فيعدونه من الصحابة.
* * * الخامس: أن للإمام عبده وتلميذه صاحب المنار كلمات حول الرؤية، قد حاولا بإخلاص جمع كلمة المسلمين في هذه المسألة، فمن أراد فليرجع إلى تفسيره (2)، وله كلام في تفسير قوله (صلى الله عليه وآله): " لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه "، قال: والمعنى أن النور العظيم هو الحجاب الذي يحول بينه وبين خلقه، وهو بقوته وعظمته ملتهب كالنار، ولذلك رأى موسى (عليه السلام) عند ابتداء الوحي نارا في شجرة توجه همه كله إليها، فنودي الوحي من ورائها، وفي التوراة أن الجبل كان في وقت تكليم الرب لموسى (عليه السلام) وإيتائه الألواح مغطى بالسحاب.
ورأى النبي الخاتم الأعظم (صلى الله عليه وآله) ليلة المعراج نورا من غير نار، وربما كان هذا أعلى، ولكنه كان حجابا دون الرؤية أيضا، فقد سأله أبو ذر (رضي الله عنه) وقال: هل رأيت ربك؟ فقال: " نوره، إني أراه؟ " وفي رواية أخرى: " رأيت نورا " ومعناهما معا