على الأشياء، فإثبات الرؤية بلا هذه اللوازم نفي لموضوعها، وأوضح ضعفا ما ذكره من أن المجوز للرؤية هو الوجود، وهو مشترك بين الواجب والممكن، إذ المجوز ليس الوجود بلا قيد، بشهادة أن النفسيات كالحسد والبخل والعشق والفرح لا ترى بالعين، ورؤيتها بغيرها كحضورها عند النفس خارج عن محط البحث، بل المصحح هو الوجود الواقع في إطار الجهة، وطرفا للإضافة بين العين، وطرفا للإضافة بين البصر والمبصر، ومثل ذلك يساوي الوجود الإمكاني المادي.
ولضعف هذا النوع من الاستدلال نرى أن الشريف الجرجاني بعدما أطال البحث حول البرهان العقلي قال: إن التعويل في هذه المسألة على الدليل العقلي متعذر، فلنذهب إلى ما ذهب إليه الشيخ أبو منصور الماتريدي من التمسك بالظواهر النقلية (1).
* * * السابع: أن المنكرين للرؤية يفسرون قوله سبحانه: {إلى ربها ناظرة} (2) بالانتظار، وكلامهم حق في الجملة، لكن أغلب من يذكر هذا التفسير لا يفرق بين المعنى بالمراد الاستعمالي والمعنى بالمراد الجدي.
وقد عرفت أن المعنى بالمراد الاستعمالي غير المعنى بالمراد الجدي، فقد أريد من الجملة حسب الاستعمال الرؤية وأريد منها الانتظار جدا، فمثلا تقول: إني أنظر إلى الله ثم إليك، فالمعنى الابتدائي هو الرؤية، ولكن المعنى الجدي هو الانتظار.
وهناك خلط آخر في كلامهم، حيث لا يفرقون بين النظر المستعمل المتعدي ب " إلى " والمتعدي بنفسه، فلذلك يستدلون على أن الناظر في الآية بمعنى الانتظار