3 - إن الرؤية مسألة اجتهادية تضاربت فيها أقوال الباحثين من المتكلمين والمفسرين، وكل طائفة تمسكت بلفيف من الآيات، فتمسك المثبت بقوله سبحانه:
{إلى ربها ناظرة} وتمسك النافي بقوله سبحانه: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} (1).
فكيف يكون إنكار النافي ردا للقرآن، ولا يكون إثبات المثبت ردا له؟ وإذا جاز التأويل لطائفة لما يكون مخالفا لعقيدته، فكيف لا يسوغ لطائفة أخرى؟
وليست رؤية الله يوم القيامة من الأمور الضرورية التي يلازم إنكارها إنكار الرسالة ولا إنكار القرآن، بل كل طائفة تقبل برحابة صدر المصدرين الرئيسيين - أعني: الكتاب والسنة - ولكن تناقش في دلالتهما على ما تدعيه الطائفة الأخرى، أو تناقش سند الرواية وتقول: إن القول بالرؤية عقيدة موروثة من اليهود والنصارى أعداء الدين، وقد دسوا هذه الروايات بين أحاديث المسلمين، فلم يزل مسلمة اليهود والنصارى يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين وتشويه تعاليم هذا الدين، حتى تذرعوا بعد وفاة النبي بشتى الوسائل إلى بذر بذور الفساد، فأدخلوا في الدين الحنيف ما نسجته أوهام الأحبار والرهبان.
4 - أن الاعتقاد بشئ من الأمور من الظواهر الروحية لا تنشأ جذوره في النفس إلا بعد تحقق مبادئ ومقدمات توجد العقيدة، فما معنى قول من يقول في مقابل المنكر للرؤية: السيف السيف، بدل أن يقول: الدراسة الدراسة، الحوار الحوار.
أليس شعار " السيف السيف " ينم عن طبيعة عدوانية قاسية، ونفسية خالية من الرحمة والسماحة؟! وأنا أجل إمام دار الهجرة عن هذه الكلمة.