تكون من الجاهلين} (1).
وقوله تعالى لإبراهيم (عليه السلام) حين قال: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} (2)، والفرق بين خطاب الله لموسى (عليه السلام) وبين خطابه لنوح وإبراهيم (عليه السلام) ظاهر (3).
وقد نقلنا كلام هؤلاء بالتفصيل ليقف القارئ على كيفية تمسكهم بما لا دلالة له على مطلوبهم، والشاهد على ذلك أنا لو عرضنا الآية على أي عربي مخاطب بالقرآن لا ينتقل ذهنه إلى ما يدعون، ويرى أن إثبات الرؤية بها تحميل للنظرية على الآية وليس تفسيرا لها، وإليك نقاط الضعف في كلماتهم:
أما الرازي، فمن أين يدعي أن الآية في مقام مواساة موسى لئلا يضيق صدره بسبب منع الرؤية؟ لو لم نقل إن الآية وردت على خلاف ما يدعيه، فإنما وردت في مورد الامتنان على موسى وموعظة له أن يكتفي بما اصطفاه الله به من رسالاته، وكلامه، ويشكره ولا يزيد عليه.
هذا هو الظاهر من الآية، ولا وجه لحمل الآية على كونها بصدد المواساة بعدما صدر من موسى في الآية المتقدمة عليها قوله: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين * قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس..} (4) فمقتضى ما صدر من موسى من تنزيه وتوبة وإيمان بأنه لا يرى هو موعظته بالاكتفاء بما أوتي ولا يزيد عليه، لا أن يعتذر سبحانه إليه ويواسيه بحرمانه رؤيته.
وأما ما ذكره صاحب روح البيان فعجيب جدا، فإن استدلاله يتوقف على أن المراد من " زيادة " في قوله سبحانه: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} هو الرؤية،