أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٦٢
لا يعلم إلا برفع إبهام الآية بمقابلها، فنقول: إن هناك ست آيات تقابلها ثلاث، وهي كالآتي:
1 - {كلا بل تحبون العاجلة} يقابلها: {وتذرون الآخرة}.
2 - {وجوه يومئذ ناضرة} يقابلها: {وجوه يومئذ باسرة}.
3 - {إلى ربها ناظرة} يقابلها: {تظن أن يفعل بها فاقرة}.
فلا شك أن الآيات الأربع الأول واضحة لا خفاء فيها، وإنما الإبهام وموضع النقاش هو الشق الأول من التقابل الثالث، فهل المراد منه جدا هو الرؤية، أو أنها كناية عن انتظار الرحمة؟ والذي يعين أحد المعنيين هو الشق الثاني من التقابل الثالث، أعني: {تظن أن يفعل بها فاقرة} فهو صريح في أن أصحاب الوجوه الباسرة ينتظرون العذاب الكاسر لظهرهم، ويظنون نزوله. وهذا الظن لا ينفك عن الانتظار، فكل ظان لنزول العذاب منتظر، فيكون قرينة على أن أصحاب الوجوه المشرقة ينظرون إلى ربهم، أي يرجون رحمته، وهذا ليس تصرفا في الآيات ولا تأويلا لها، وإنما هو رفع الإبهام عن الآية بالآية المقابلة لها، وترى ذلك التقابل والانسجام في آيات أخرى، غير أن الجميع سبيكة واحدة.
1 - {وجوه يومئذ مسفرة} يقابلها: {ضاحكة مستبشرة} (1).
2 - {ووجوه يومئذ عليها غبرة} يقابلها: {ترهقها قترة} (2).
فإن قوله: {ضاحكة مستبشرة} قائم مقام قوله: {إلى ربها ناظرة} فيرفع إبهام الثاني بالأول.
3 - {وجوه يومئذ خاشعة} يقابلها: {عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية} (3).

(١) عبس: ٣٨ - ٣٩.
(٢) عبس: ٤٠ - ٤١.
(٣) الغاشية: ٢ - 4.
(٦٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 657 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 ... » »»