2 - كيف يجتمع إعادة الظالمين مع قوله سبحانه: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} (1) فإن هذه الآية تنفي رجوعهم بتاتا، وحشر لفيف من الظالمين يخالفها.
والإجابة عن السؤال واضحة، فإن الآية مختصة بالظالمين الذين أهلكوا في هذه الدنيا ورأوا جزاء عملهم فيها، فالآية تحكم بأنهم لا يرجعون، وأما الظالمون الذين رحلوا عن الدنيا بلا مؤاخذة فترجع طائفة منهم ليروا جزاء عملهم فيها ثم يردون إلى أشد العذاب في الآخرة، فالآية تنفي رجوع طائفة من الظالمين الذين ماتوا حتف الأنف.
3 - إن الظاهر من قوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} (2) هو نفي الرجوع إلى الدنيا بعد مجئ الموت لأي أحد.
والإجابة عنها واضحة، فإن الآية كسائر السنن الإلهية الواردة في حق الإنسان، فهي تفيد أن الموت بطبعه ليس بعده رجوع، وهذا لا ينافي رجوع البعض استثناء ولمصالح عليا، كما مرت الآيات الواردة في هذا المضمار.
أضف إلى ذلك أن عود بعض الظالمين إلى الدنيا - على القول بالرجعة - إنما هو لأجل عقابهم والانتقام منهم، وأين هذا من طلب هؤلاء الكفار الرجوع لأجل تصحيح عملهم والقيام بما تركوه من الصالحات، ورد هذا الفرع من الرجوع لا يكون دليلا على نفي النوع الأول منه.